Aso gardi
كارل ماركس ١٨٨٣ - ١٨١٨ بالرغم من مضي ما يقرب من قرن من الزمان على وفاة »ماركس « فلا يزال فكره يشغل حيزا من اهتمام الباحث k وا 9فكرين الذين ينتمون إلى أكثر من تخصص. ولا يكاد يخلو مؤلف واحد اهتم بتاريخ نظرية عالم الاجتماع إلا ووقف على ما كتب. وهناك أقسام للاجتماع والإقتصاد بجامعات أمريكية وغير أمريكية تفرد لأعماله مقررات قائمة بذاتها. وانقسم الباحثون في علم الاجتماع بشأنه ما ب k مردد مقلد B وما ب k مخالف له على طول الخط. بل هناك باحثون اكتسبوا قدرا من الشهرة 9ا كتبوه عنه ( ٣٥ ). وبغض النظر عما نكنه لفكر الرجل من حب أو كراهية فالذي يقودنا استطلاع ما كتب B ومحاولة تفهم كيف كتب B و 9اذا كتب في مجال علم الإجتماع B وموضوعه ووظائفه. ومع أن ما سنفعله في الصفحات القليلة القادمة B يعد كريها إلى نفوس أنصار فكره B لأنهم يستنكرون أشد الإستنكار لتقسيم مؤلفاته إلى أجزاء وأقسام وتخصصات فرعية B ومناقشتها واحدا فواحدا B وسيقولون إن عملية التقسيم هذه تب k عجز الكاتب البورجوازي عن إدراك الكل ا 9تألق الذي تتمم وتفسر جميع مكوناته بعضها بعضا بحيث يغيب ا 9عنى الصحيح جرد البحث في جزء أو في جانب على حدة B لكنه لا سبيل إلى الاختيار هنا لأن عصرنا يؤكد الضرورة التي لا ترحم والتي تقضي بالتخصص. وإذا كنت سأركز عليه مفكرا ومنظرا سوسيولوجيا فلا أقصد إنكار وحدة الرؤية الإجتماعية B التي تضفي ما هو أكثر من مظهر الوحدة B كما لا أقصد إنكار أن كل جزء أو مكون من مكونات فكره في حقيقة أمره قد يكون مستقلا عن سواه. وبرغم هذا وذاك يظل هناك قدر كاف من الاستقلال في كل منطقة من مناطق فكره الشاسع تجعل في إمكان الطالب الباحث أن يقبل ثمار ما يبذل من جهود في واحدة منها بينما يرفضها في منطقة أخرى( ٣٦ ). الرجل والظروف: ولد كارل ماركس في ٥ مايو , ١٨١٨ في مدينة ترييف × في بروسيا وكان واحدا من سبعة أخوة لأبوين يهودي k. كان أبوه محاميا ارتبط بعصر التنوير B 68 إتجاهات نظرية في عالم الاجتماع قرأ كانط وولع بفولتير. وقد كان لوالده تأثير واضح على شخصيته B »حيث نشأه على الحرية وحب ا 9عرفة. وعندما أرسله إلى ا 9درسة الثانوية تلقى تعليمه على يد أساتذة ليبرالي Bk كان « موضع ثنائهم وتشجيعهم B وكان متفوقا في الرياضيات والدراسات اللاهوتية. وفي عام ١٨٣٥ التحق بجامعة »بون « ودرس التاريخ واهتم بالإنسانيات. اندمج في النشاط الطلابي B ثم انتقل إلى جامعة »برل «k عام ١٨٣٦ وفيها التقى بفلسفة »هيجل « وبدأ يقرؤها ويلم بها. وفي عام ١٨٣٩ تعرف على صديقه الحميم في هذه الفترة وكان صحفيا يدعى أدولف ريتنبرج Rutenberg .A وكان من الهيجيل k الراديكالي Bk سجن بسبب أفكاره B وانضم »ماركس « للشبيبة الهيجلية في ١٨٤٢ والتحق كمحرر بالجريدة »الرينانية « فساعده اشتغاله بالصحافة على أن يتفتح على اﻟﻤﺠتمع ومشكلاته. وفي عام ١٨٤٣ وبعد زواجه قرر الهجرة لباريس. وكتب عن سبب هجرته من أ 9انيا يقول »إن الجو هنا خانق B لا يحتمل B ليس من اليسير على ا 9رء أن يتذلل من أجل الحرية B لقد سئمت النفاق والغباء وفظاظة ا 9وظف k الرسمي Bk وتعبت من طأطأة الرأس وابتكار العبارات التي لا خطر منها ولا ضرر من ورائها. إن أ 9انيا لم يعد فيها ما أستطيع أن أفعله B إن ا 9رء لا يستطيع أن يكون غير أم k مع نفسه «. وخلال تنقله ب k فرنسا وبلجيكا التقى بجوزيف برودون وفردريك انجلز B وشارك في النشاطات السياسية في ثورة فرنسا B١٨٤٨ وانتهى به ا 9طاف في لندن حيث توفى في ١٤ مارس ١٨٨٣ . وبهذا التقى بأبرز ا 9فكرين B و بالهيجلي Bk وعمل بالصحافة B واشتغل بالسياسة. ولو أردنا أن نشير إلى السياق البنائي Bالإجتماعي والسياسي الذي عاش وتحرك من خلاله B لوجدناه لم يتحدد سرح بلد أوروبية بعينها. تنقل ب k أ 9انيا وفرنسا وبلجيكا وانجلترا B الأمر الذي وسع دائرة ملاحظاته B وبجانب قراءته للتاريخ وتحليله له واستيعابه B عايش فترة ليست قصيرة من تلك التي عاشها »أوجيست كونت « سواء في فرنسا أو خارجها ( ٣٧ ). وبكل الإيجاز wكن القول بأنه: ١- تأثر بالثورة الصناعية في انجلترا ومنظريها. ٢- وتأثر بالثورة السياسية في فرنسا وثوارها. ٣- وتأثر بالثورة الثقافية في أ 9انيا ومفكريها. 69 أهم رواد علم الإجتماع محاولة لقراءة جديدة وقد جعل هذا البعض ينظر إليه كأعظم وريث للإقتصاد السياسي الإنجليزي B والإشتراكية الفرنسية B والفلسفة الأ 9انية. وعدت هذه مصادر ا 9اركسية الثلاث التي استطاع أن يخرج منها بحصاد فكري هائل. عن علم الإجتماع: ١- رفض »ماركس « استخدام تسمية علم الإجتماع في أي من كتاباته B لا لأنها تسمية غير موفقة فحسب B وإ iا أيضا لارتباطها بالفلسفة الوضعية التبريرية التي روج لها »أوجيست كونت « والتي مازالت تسم علم الإجتماع الإنجلو أمريكي في معظمه بسمة التبرير لا التفسير العلمي B وبالمحافظة لا النقد العلمي الإجتماعي B فضلا عن مزج التحليل السوسيولوجي حاكاة و اثلة ب k الظاهرة اﻟﻤﺠتمعية والظاهرة الطبيعية B ولهذا فضل تسمية العلم ب »علم اﻟﻤﺠتمع ٣٨) « ) وحدد موضوعه الأساسي بدراسة اﻟﻤﺠتمع الإنساني B ككل تاريخي متغير B من خلال دراسة القوان k الإجتماعية لتطور التكوينات الإجتماعيهة الإقتصادية. Socio-Economic Formation وبحث مختلف العلاقات الداخلية لجوانب الحياة الإجتماعية B وأما عن ا 9وضوع الأساسي للبحث السوسيولوجي ا 9اركسي فيتحدد بالعلاقات الإجتماعية الأساسية ا 9وضوعية B التي يأتي في مقدمتها العلاقات الإنتاجية ×× - علاقات ا 9لكية-و يتحدد أيضا بالوجود الإجتماعي ا 9وضوعي. وتعد التفرقة التي أثارها »ماركس « ب k الوجود الإجتماعي والوعي الإجتماعي انتقالا حاسما أكسب علم اﻟﻤﺠتمع طابعا متميزا B ونقله من مرحلة الفلسفة الإجتماعية إلى إطار النظرية السوسيولوجية. وبهذا قدم إجابة سوسيولوجية للسؤال الأساسي الخاص بأيهما أسبق: الوجود أم الوعي ? وفي هذا يذهب إلى أن أسلوب الإنتاج هو الذي يحدد الطابع العام للعمليات الإجتماعية لأن وعي الناس ليس هو الذي يحدد وجودهم B بل على العكس يتحدد وعيهم بوجودهم الإجتماعي ( ٤٠ ). ٢- يتألف الفكر ا 9اركسي من مكون k أساسي k: هما ا 9ادية الجدلية وا 9ادية التاريخية Historical Matecialism . و يؤكد رواد هذه النظرية أن ا 9ادية التاريخية د علم اﻟﻤﺠتمع بإطاره الأساسي B الذي يقدم لهذا العلم إجابة علمية على ا 9سألة السوسيولوجية ا 9عرفية Gnosciological الأساسية B وهي 70 إتجاهات نظرية في عالم الاجتماع مسألة العلاقة ب k الوجود الإجتماعي والوعي الإجتماعي B ذلك الوجود الذي تعده ا 9ادية التاريخية واقعا موضوعيا مستقلا عن الوعي وترى الوعي انعكاسا قد يكون أقل أو أكثر دقة ووضوحا له ( ٤٣ ). وعلى هذا فا 9ادية التاريخية هي إطار علم الاجتماع العلمي Sociology Scientific الذي يدرس القوان k العامة للتطور الاجتماعي B وصور حدوثها وتجسداتها من خلال النشاط الإجتماعي التاريخي للإنسان ( ٤٤ ). ولا تعني محاولة توضيح ا 9ادية التاريخية و ييزها هنا فصلها عن غيرها من ا 9كونات إلا ا يساعد على الفهم والتحليل. فقضايا ا 9ادية التاريخية وكذلك فروضها B هي الامتداد المحسوس لقضايا ا 9ادية الجدلية وفروضها لأن ا 9ادية الجدلية ثابة الإطار الفلسفي العام B في ح k تعد ا 9ادية التاريخية الإطار السوسيولوجي الأساسي ( ٤٥ ). ٣- ليس اﻟﻤﺠتمع لدى »ماركس « مفهوما مطلقا أو حقيقة مجردة B بل هو موجود واقعي يتوقف كيانه على أسلوب الإنتاج وطبيعته التي تسم بطابعها كل مجتمع من اﻟﻤﺠتمعات. ومن ناحية أخرى لا يتصور »ماركس « الإنسان إلا في مجتمع B ولا تتحقق ماهية الإنسان إلا بالعمل B لأنه هو الذي يكسب الإنسان حقيقته الواقعية. ولقد هاجم »ماركس « أكثر من مرة الأفكار التي كانت ترى وجود تناقض ب k الإنسان واﻟﻤﺠتمع B أو تضاد ب k اﻟﻤﺠتمع والفرد B وفي هذا يؤكد على ضرورة استبعاد أي تجريد للمجتمع في مقابل الإنسان. فالإنسان كائن اجتماعي B يؤكد الحياة الإجتماعية ولذلك كانت متطلبات الإنسان وحاجاته مطلبا أساسيا في فكره B جعله دوما ينتقد اﻟﻤﺠتمع الطبقي الذي لا يضع حاجات الإنسان في اعتباره ( ٤٦ ) ٤- يعد تأكيده على مفهوم »الطبقة الاجتماعية « إبرازا وتجسيدا لتركيزه على ما هو اجتماعي داخل اﻟﻤﺠتمع. فلم يستسلم في أي من كتاباته لتحويل علم اﻟﻤﺠتمع إلى دراسة اختزالية للأفراد B تركز على الأبعاد البيولوجية أو السيكلوجية فيهم B وإ iا عد الطبقة مفهوما أساسيا ومقولة تحليلية B وبعيدا عن كل ادعاء قرر ماركس »... بالنسبة لي لا يعزي لي أي فضل في اكتشاف وجود الطبقات في اﻟﻤﺠتمع B أو حتى الصراع بينها B فقد وصفها قبلي كثيرون كما أنهم وصفوا أيضا التشريح الإقتصادي لها... ٤٧) « ) وإذا كان قد اعترف بهذا B فالجديد الذي قدمه هرتوصيف وجودها وتشخيصه B ووصف حركتها 71 أهم رواد علم الإجتماع محاولة لقراءة جديدة وتفسيرها. وقد بدأ هذا بتحديد الطبقة حددات موضوعية. فالإنسان لديه يتفوق على الحيوان ويتميز عليه بالوعي. ور ا كانت هذه واحدة من النقاط التي أراد أن يرد بها على »وضعية كونت « التي أرادت أن تسلب الإنسان عقله وإرادته وقدرته على التغيير( ٤٨ ). ولكن كيف يدرك الإنسان ما wيزه عن الحيوان ? أو بعبارة أخرى كيف يبدأ وعي الإنسان بنفسه و ا يحيط به ? يرى أن هذا الوعي يبدأ جرد أن يبدأ الإنسان في إنتاج وسائل العيش B تلك الوسائل التي تتحدد بداية بظروف الطبيعة وإمكاناتها. وعليه فعندما ينتج الناس هذه الوسائل يبدءون في إنتاج حياتهم ا 9ادية والعقلية. وهذا يعني أن الإنتاج صورة من صور النشاط الإنساني B وشكل من أشكال التعبير عن الحياة الإنسانية. وإذا كانت هذه الظروف تتحدد بظروف الإنتاج ا 9ادي فإن هذا أيضا يعتمد على ا 9رحلة التاريخية التي wر بها اﻟﻤﺠتمع B وبخاصة شكل ملكية وسائل الإنتاج. عندئذ تتحدد الطبقة عن طريق ا 9لكية B وعن طريق قوى الإنتاج والتقسيم الاجتماعي للعمل حسبما تسمح به ا 9رحلة التاريخية. ففي التكوين الاجتماعي الاقتصادي الذي يعيش فيه الناس على الصيد في البر والبحر يكون شكل الإنتاج غير متطور B وبالتالي يكون تقسيم العمل أوليا B و يكاد يقتصر على شكله الطبيعي داخل الأسرة B وأما البناء الإجتماعي وعلاقاته فيتحدد بالعائلة الأبوية B ثم بأعضاء القبيلة B وأخيرا بظهور العبيد والأرقاء. وتتطور العبودية الكامنة في الأسرة تدريجيا وكميا نتيجة لسيطرة الأب وسيطرة الرجل عموما B و تد إلى خارج الأسرة بتنمية ا 9لكية الفردية بوسائل الإنتاج والبشر B و با 9قايضة »الأسرى « في الحروب. و بعبارة موجزة تتحدد الطبقة با 9وقع في ا 9لكية وتقسيم العمل الإجتماعي. وهو يؤكد هذا في معرض تحليله لنشأة الطبقة العاملة عندما أشار: »دعني ألخص لك أنه كلما iا الإنتاج الرأسمالي B iا تقسيم العمل واتسع استخدام الآلات B وكلما اتسع تقسيم العمل واستخدام للآلات B اتسعت ا 9نافسة ب k العمال واتجهت أجورهم نحو الانكماش ٤٩) « ) وتلك أول الظروف ا 9وضوعية لنشأة الطبقة العمالية. وتجدر الإشارة ها هنا إلى أن ما سبق لا يعني أن ا 9لكية وتقسيم العمل هما فقط المحددان الوحيدان لتكوين الطبقة B فثمة محددات أخرى تسهم في هذا التكوين. فالذي يجعل العمال بالأجر والرأسمالي k وملاك الأرض يكونون ثلاث طبقات إجتماعية هو الأجر B 72 إتجاهات نظرية في عالم الاجتماع والربح B والريع B فضلا عن معرفة هذه الطبقات صالحها ومصالح غيرها B ا يوضح التعارضات والتناقضات ب k مصالحها ( ٥٠ ). ٥- لا يعني التفسير ا 9ادي-الاقتصادي-لتاريخ الإنسان واﻟﻤﺠتمع B أن الناس عن وعي أو بلا وعي B وكلية وأصلا. تحركهم الدوافع الاقتصادية. فعلى عكس هذا لم يعتقد »ماركس « أن مكونات البناء الفوقي كالأفكار والقيم والفنون...الخ B غير ذات أهمية أو أنها سلبية B لأن ما حاوله هو إزاحة الغطاء عن الظروف الاقتصادية التي تشكلها وتعلل قيامها وسقوطها. وكان »ماركس و انجلز « حريص k على توضيح دور الأبعاد اﻟﻤﺠتمعية في اﻟﻤﺠتمع.. ففي رسالة »انجلز « إلى »جوزيف بلوخ « قال »انه تبعا للمفهوم ا 9ادي للتاريخ فإن العنصر الأساسي هو إنتاج وإعادة إنتاج الحياة الحقيقية B وأكثر من هذا لا أنا ولا »ماركس « أكدنا أن الاقتصاد هو الوحيد لأن للعناصر اﻟﻤﺨتلفة للبناء الفوقي تأثيرها على مسارات التاريخ « وذكر »ماركس « أيضا في افتتاحية »إسهام في نقد الاقتصاد السياسي « أن بعض عناصر البناء الفوقي تستمر حتى بعد زوال الظروف ا 9ادية التي أنتجتها ( ٥١ ) ا يفهم منه وجود استقلال نسبي لهذا البناء. ٦- تقوم الدعائم ا 9نهجية للبحث السوسيولوجي ا 9اركسي على ا 9نهج k الجدلي والتاريخي B مع عدم استبعاد أهمية الطرائق البحثية التي كانت تستخدم في زمانه B حتى إنه أسهم في تطبيق صحيفة استبيان حول أوضاع العمال. وقد ساعده ا 9نهج التاريخي على كشف القوان k العامة والنوعية للتطور الإجتماعي كما ساعده ا 9نهج الجدلي على التمييز في الحياة الاجتماعية ب k ا 9وضوعي والذاتي B والعام والخاص B والضروري وغير الضروري B والاجتماعي وغير الإجتماعي. وقد ساعد هذا على إكساب علم اﻟﻤﺠتمع طابعا علميا وطابعا نوعيا في الوقت نفسه ( ٥٢ ). ٧- تتركز وظائف علم اﻟﻤﺠتمع وأدواره في وظيفة علمية وأخرى مجتمعية B كل منهما تثري الأخرى وتنميها وتطورها. فإذا كان مسعى البحث السوسيولوجي ا 9اركسي هو الكشف عن تجسدات القوان k العامة والقوان k النوعية للتطور الإجتماعي فإن القصد من هذا هو توفير أرضية علمية للتنبؤ با 9سار الإجتماعي B الذي يفيد في إعادة النظر فيما هو قائم B وما wكن أن يؤول إليه لو ترك على تلقائيته وما يقتضيه الأمر من تخطيط 73 أهم رواد علم الإجتماع محاولة لقراءة جديدة وتدخل له لتجاوز تناقضاته وسوءاته B سواء ما يتعلق بالاستغلال أو الاغتراب B أو أية صورة أخرى من صور استلاب الإرادة الإنسانية ا 9بدعة B ولهذا كان الرجل حريصا على تأكيد أهمية إسهام العلم والبحث في إحداث التغيير ا 9قصود ح k قال في رده على »فويرباخ » B« لقد درس الناس العالم على أنحاء عدة B غير أن ا 9هم في الأمر هو تغييره ٥٣)« ). موقف الرجل من الظروف: لم يكن الرجل رجل علم فقط ولم يكن رجل عمل عام فقط B بل كان هذا وذاك B مفكرا ومنظرا وسياسيا وصحفيا وعا 9ا في الاقتصاد B والاجتماع B وعلم النفس B والفلسفة B وغيرها... كان رجلا موسوعيا بكل ما تحمله الكلمة من مضمونات B ولم يرتبط ببلد محدد B فتحرر من الإقليمية الضيقة B ووسع مسرح مشاهداته B وعمقها من منهل التاريخ الإنساني. ولهذا يعد موقفه ا أحاط به نتاجا لكل ما مارسه وخبره.. B وبإيجاز أتى العلم عنده مغايرا 9ن سبقوه موضوعا ومنهجا وغاية.. و wكن أن دنا ا 9قارنة بينه وب k »أوجست كونت « بأبعاد wكن أن تجلو موقف الرجل من اﻟﻤﺠتمع والإنسان:- ١- فإذا كان »كونت « قد ساوى ب k دراسة اﻟﻤﺠتمع ودراسة الطبيعة B لأن العلم الطبيعي كان لديه الا iوذج الذي على علم الإجتماع أن يسير في ركابه B ا خنق العمل الاجتماعي لتصوره له خاضعا لقوان k عقلية أزلية ( ٥٤ ) لا تتغير ولا تفيد معها أية محاولة إنسانية B ما دام كل شيء يسير طبيعيا سواء حاول الإنسان أو لم يحاول B فإن »ماركس « نظر للإنسان كموجود واقعي نوعي خلاق B ورأى أن للمجتمع مسارا ديناميا متغيرا B وأنه يجب التدخل لإصلاح ا 9سار وتغيير وجهته تغييرا مقصودا. وهذا هو معنى التنمية في معظم الأدبيات ا 9عاصرة. ٢- لم ير »ماركس « اﻟﻤﺠتمع مجرد مجموعة من الأفراد تتحكم في علاقاتهم نوازعهم السيكلوجية ا جعله هو لا كونت أو هيجل ا 9ؤثر البارز في هز سطوة النزعة النفسية التي سيطرت على النظريات السابقة عليه ( ٥٥ ).وهذه مسألة أسهمت في بلورة ا 9وضوع السوسيولوجي الأساس المحدد ا هو اجتماعي. ٣- إن ا 9فهومات الأساسية في نظرية »ماركس « مثل البناء الفوقي B قوي 74 إتجاهات نظرية في عالم الاجتماع الإنتاج B علاقات الإنتاج B التكوين الاجتماعي الاقتصادي B مفهومات سوسيولوجية وكلية بنائية B wكن دراستها وتحليلها B وجمع شواهد معاصرة وتاريخية عليها B على عكس مفهومات »كونت « الحافلة بالغموض والتي تند عن شروط ا 9فهومات والتصورات العلمية B كالدقة والوضوح والقابلية للاختبار. ٤- كانت معظم ا 9قولات السابقة عليه B سواء مقولات »كونت « أو حتى »هيجل « مفضية إلى الحالة البنائية القائمة ومنتهية إليها B وبوصفها أفضل ا 9مكنات B في ح k أن تصورات »ماركس « استهدفت تجاوز الحالة البنائية الآنية في عصره إلى حالات أخريات مستقبلية ( ٥٦ ). وبإيجاز ملح B أتى موقفه تفسيريا لا تبريريا B نظر للمجتمع من داخله B دينامياته وتناقضاته B ورأى الناس صناع الحياة ومنتجيها وعد اﻟﻤﺠتمع امتدادا للإنسان العامل B دو iا تعال للمجتمع على الإنسان. ولكن أليست النظرية نظرية B وكشأن كل نظرية ليس فيها شيء نهائي وإلا حكم على العلم بالتوقف B وبالتالي أوصد كل أبواب الاجتهاد? نعم »ا 9اركسية « في هذا نظرية B لها ما لها وعليها ما عليها. وهناك انتقادات ذات طابع فلسفي عام B وأخرى ذات طابع عقائدي وأيديولوجي B وثالثة ذات طابع اقتصادي B وإذا كان لكل مقام مقال B فالذي يعني في سياق العمل الراهن هو تلك الانتقادات ذات التوجه العلمي السوسيولوجي. وهنا wكن لنا القول بأنه وجهت 9» اركس « في دراسته السوسيولوجية للإنسان واﻟﻤﺠتمع بعض الانتقادات الهامة التي wكن تركيز أبرزها في اثن k: الأول: ويتعلق بالتفسير ا 9ادي للتاريخ ولتطور اﻟﻤﺠتمع البشري. ويعد »بيترم سروك P.Sorokin «k ×) ) من ابرز من حاولوا التأكيد على هذا النقد. ففي مؤلفه ا 9وسوم ب »النظريات السوسيولوجية ا 9عاصرة « صنف »ماركس « ب k أنصار الاتجاه الاقتصادي B وجاهد منذ البداية ليكون نقده مستندا إلى بعض الأفكار ا 9نهجية B ثم أشار إلى أن تفسير »ماركس « تفسير علي-سببي- أحادي الجانب B ويعد ضربا من ا 9يتافيزيقا حيث يستعصي تطبيقه في اﻟﻤﺠال الاجتماعي على عدد كبير من العلاقات B التي هي في الأصل كما يذهب »سروك «k ذات اعتماد متبادل mutually dependent ويستشهد بعد ذلك على دحض العامل الاقتصادي ببعض الدراسات التي أوضحت أن دور 75 أهم رواد علم الإجتماع محاولة لقراءة جديدة العامل الاقتصادي أكثر خفوتا عكس ما تصور »ماركس ٥٧) « ). وا 9دقق في مثل هذا النقد الذي يكاد يكون اكثر ذيوعا في كثير من الكتابات ا 9ناوئة 9اركس يرى أنه لم يضع في حسبانه بعدين أساسي k:- ١- أن ماركس وانجلز أكدا اكثر من مرة أن العامل الاقتصادي ليس عاملا وحيدا B بل هو عامل مهم B لا يلغي أدوار بقية العوامل ا في ذلك مكونات البناء الفوقي B فضلا عن أن العامل الاقتصادي الذي سمى هكذا من قبل بعض الشراح وا 9فسرين للنظرية يشتمل في مضمونه على علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج B ومجمل الأساس الاجتماعي الاقتصادي للمجتمع. ٢- أن ماركس لم يعتمد التفسير العلي في أي من دراساته. فمنطق الجدل يعني تبادل التأثير والتأثر ب k الظاهرات اﻟﻤﺠتمعية B ب k الكلي والجزئي B والشكل وا 9ضمون. والضرورة والصدفة.. الخ B لكن ا 9نتج لهذا التفاعل الجدلي لا يكون سالبا مكررا بنفس الأوضاع والصور B بل هو يصل إلى مركبات جديدة-الفكرة-نقيض الفكرة-مركب الاثن k. وحول هذا النقد يذهب هنري لوفيفر H.Lefevure إلى أن البعض تصور أن ماركس لم ير في الطبيعة البشرية سوى الإنسان الاقتصادي في ح k أن ماركس نفسه B وأنصار فكرة السوسيولوجي يقررون أن سيطرة العامل الاقتصادي على الوجود الإنساني بأسره هي ما يسميه ماركس باسم اللاإنساني L’inhumain . عنى أنه حينما يستسلم الإنسان للمال باعتباره قوة سحرية Fetiche فإن ماهيته عندئذ لابد من أن تهبط إلى مستوى »اللاإنسانية «. وخلاصة هذا أن التوجه ا 9اركسي سائر منذ البداية نحو ضرورة العمل على تجاوز مرحلة الإنسان الاقتصادي. ( ٥٨ ). الثاني: ويتعلق صداقية التنبؤ ا 9اركسي سار التطور الاجتماعي B وانتقال التكوين الرأسمالي إلى التكوين الاشتراكي. وحول قضايا التنبؤ يرى رالف داهريندورف R.Dhrendorf أن ماركس كان »يوتوبيا « عندما تصور مجتمعا بلا طبقات وبلا صراع. الحقيقة أنه بنى تنبؤاته على استقراء التاريخ B وعلى تحليل التكوين الرأسمالي B لكن هل هناك من الشواهد الواقعية ما يؤيد صحة تنبئه? هذا أمر لم يتحقق بعد ( ٥٩ ) لقد لفتت أفكار التنبؤ ا 9اركسي سار اﻟﻤﺠتمع أنظار كثير من الباحث Bk داخل إطار علم الاجتماع وخارجه B حتى إن بعضا من ا 9هتم k بعلم الاجتماع من أمثال ر wون 76 إتجاهات نظرية في عالم الاجتماع آرون BR.Aron رأى أن فكر ماركس السوسيولوجي يكاد يتوقف صدقه عند التكوين الرأسمالي B وبالتالي أطلق عليه عالم اجتماع وعالم اقتصاد النظام الرأسمالي B وتفسير »آرون « لهذا أن »ماركس « لم يكن لديه تصور دقيق اهية النظام أو التكوين الإشتراكي ( ٦٠ ) و يذهب أناتول رابوبورت Rapoport.A أحد منظري اليسار الجديد إلى أن تحليلاته ودعاواه حول الصراع الطبقي أصابها بعض الذبول B فصورة الطبقة العاملة الآن لم تعد الصورة التي أشار إليها B وشواهد هذا التغير هي تبرجز العمال وتحولهم إلى شبه موظف Bk تلتحم مصالحهم صالح النظام الذي يعيشون فيه ( ٦١ ). وثمة انتقادات أخرى تتساءل عن عدم حدوث الثورة الإشتراكية في الولايات ا 9تحدة B مع أنها أكثر التكوينات الرأسمالية تطورا B في ح k أنها حدثت في روسيا والص k وكلاهما لم يكن رأسماليا B ولكن كان في مراحل سابقة عليها. ومع التسليم نطقية الانتقادات ا 9وجهة إلى التنبؤ ا 9اركسي B ومشروعيتها العلمية B فهناك. تحليلات وتفنيدات لها من أنصار الاتجاه ا 9اركسي B إلا أن العمل الراهن يرى أن سؤال التنبؤ سيظل سؤالا معلقا B ما دمنا لم نر بعد بديلا للمجتمع الرأسمالي الأمريكي وما دام التاريخ لم ينته بعد B عنى أن النظام الرأسمالي لم يتطور إلى شيء آخر لا مختلف ولا متفق مع ما أشار إليه »ماركس « فهو لا يزال باقيا ويحافظ على هذا البقاء. وإذا حدث وتطور إلى شيء أخر مختلف عما أشار إليه ماركس B فهنا يكون النقد قد ثبت واقعيا B أما إذا لم يحدث فسيظل السؤال مفتوحا فيما يتعلق بهذه الجزئية. وان كان البعض يذهب إلى أن التكوين الرأسمالي السائد في الولايات ا 9تحدة يختلف عما حلله »ماركس B« حيث حدث تقارب بدرجة أو بأخرى ب k العمال وغيرهم من خلال ما يسمى باﻟﻤﺠتمع التنظيمي ( ٦٢ ). ونظرا لأن الردود على هذه الانتقادات من قبل أنصار ماركس B لم تأت بشكل حاسم فإن الأمر وبصفة عامة يجعل هذه الانتقادات قائمة ومشروعة علميا. والخلاصة من كل هذا B وبعيدا عن زحام صراع الأفكار B التي صوغها حول أفكار هذا الرجل وأعماله B فإن الذي يهمنا هو: تصوره لعلم الاجتماع B 77 أهم رواد علم الإجتماع محاولة لقراءة جديدة من حيث موضوعه ومنهجه B ووظيفته B فهو يرى أن العلم علم بنائي ويرى اﻟﻤﺠتمع كلا تاريخيا متغيرا ومتطورا B كما يرى أن ا 9نهج k التاريخي والجدلي يسهمان في وصول أكثر دقة وأكثر واقعية إلى الظاهرات اﻟﻤﺠتمعية B وان اﻟﻤﺠتمع في تطوره وتغيره لا يسير سيرا عشوائيا متخبطا تحكمه الأهواء الفردية والنوازع السيكولوجية محكوم بقوان k اجتماعية نوعية للتطور الاجتماعي B وأنه نتاج للعمل الإنساني ا 9بدع الخلاق B وأن غاية العلم ليست الدقة والأناقة ا 9نهجية B وإ iا التخطيط 9ستقبل أفضل للإنسان يتجاوز الحالات البنائية الراهنة شكلاتها وتناقضاتها إلى أخريات مقصودة ومرغوبة B هذا هو جوهر التصور ا 9اركسي لعلم اﻟﻤﺠتمع B فهل هناك من شك في صحة وواقعية هذا? هذا ما يستطيع القار : ا 9ثقف وا 9تخصص أن يثبته أو ينفيه. على أن حصاد القول يفضي بنا إلى أن النقلت k الكيفيت k الاساسيت k في تاريخ علم الاجتماع B هما اللتان تحققتا على يد ابن خلدون ثم ماركس B فقد ولد العلم على يد الأول B ونشأ وبلغ قدرا من النضج على يد الثاني.